فاطمة الزهراء بنت رسول الله وسيدة أهل الجنة
هي فاطمة الزهراء بنت إمام المتقين رسول الله محمد بن عبدالله بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمية، صلى الله على أبيها وآله وسلم، ورضيعنها وأرضاها.كانت تكنى بـ "أم أبيها" ، وتلقب بـ "الزهراء"، وكانت أصغر بنات النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأحبهن إليه.روت عن أبيها، وروى عنها ابناها وأبوهما وعائشة وأم سلمةوسلمى أم رافع وأنس وأرسلت عنها فاطمة بنت الحسين وغيرها، رضي الله عنهمأجمعين (1).وأمها خديجة بنت خويلد ابن أسد ابن عبد العزى ابن قصي، ولدتها وقريش تبنى الكعبة وذلك قبل النبوة بخمس سنين (2). مناقبها رضي الله عنها: مناقب فاطمة وفضائلها رضي الله عنها لا تكاد تعد أو تحصى،فلو ما ذكر منها سوى ما روته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن رسولالله صلى الله عليه وسلم لكفتها: "يا فاطمة، ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة" .(3) ولكننا نعرض لأهم وأصح ما جاء في تلك المناقب، عساها تكوننبراسا تهتدي به نساء الأمة، وأسوة يقتفى أثرها، وقدوة لمن جعلت الآخرةهمها ومعادها. شهادة عائشة لها :* عن عائشة رضي الله عنها قالت: " ما رأيت أحدا أشبه سمتاودلا وهديا برسول الله في قيامها وقعودها من فاطمة بنت رسول الله صلى اللهعليه وسلم. قالت: وكانت إذا دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم قام إليهافقبلها وأجلسها في مجلسه وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل عليهاقامت من مجلسها فقبلته وأجلسته في مجلسها" (4). * وعنها رضي الله عنها قالت: "ما رأيت أفضل من فاطمة غيرأبيها، قالت -وكان بينهما شيء- فقالت: يا رسول الله سلها فإنها لا تكذب"وفي رواية قالت: "ما رأيت أحدا قط أصدق من فاطمة" (5). سيدة نساء الجنة: * عن حذيفة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال"إن هذا ملك لم ينزل الأرض قط قبل هذه الليلة استأذن ربه أن يسلم عليويبشرني بأن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة وأن الحسن والحسين سيدا شباب أهلالجنة" (6). * وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليهوسلم قال: "أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد ومريمبنت عمران وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون" (7). سيدة نساء الأمة: * عن عائشة أم المؤمنين قالت: "إنا كنا أزواج النبي صلىالله عليه وسلم عنده جميعا لم تغادر منا واحدة، فأقبلت فاطمة عليها السلامتمشي لا والله ما تخفى مشيتها من مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلمارآها رحب قال: مرحبا بابنتي، ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله ثم سارهافبكت بكاء شديدا، فلما رأى حزنها سارها الثانية فإذا هي تضحك، فقلت لهاأنا من بين نسائه: خصك رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسر من بيننا ثمأنت تبكين، فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم سألتها عما سارك قالت:ما كنت لأفشي على رسول الله صلى الله عليه وسلم سره. فلما توفي قلت لهاعزمت عليك بما لي عليك من الحق لما أخبرتني، قالت: أما الآن فنعم.فأخبرتني قالت: أما حين سارني في الأمر الأول فإنه أخبرني أن جبريل كانيعارضه بالقرآن كل سنة مرة وإنه قد عارضني به العام مرتين، ولا أرى الأجلإلا قد اقترب فاتقي الله واصبري فإني نعم السلف أنا لك، قالت فبكيت بكائيالذي رأيت، فلما رأى جزعي سارني الثانية قال: يا فاطمة، ألا ترضين أنتكوني سيدة نساء المؤمنين أو سيدة نساء هذه الأمة" (. مكانتها من أبيها عليه الصلاة والسلام: * عن المسور بن مخرمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلمقال: "فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني" وفي رواية: "يريبني ما أرابهاويؤذيني ما آذاها" (9). * وعن النعمان بن بشير: استأذن أبو بكر على المصطفى، فسمععائشة عاليا وهي تقول: "والله لقد عرفت أن فاطمة وعليا أحب إليك مني ومنأبي مرتين أو ثلاثا، فاستأذن أبو بكر فأهوى عليها، فقال: يا بنت فلان، ألاسمعتك ترفعين صوتك على رسول الله صلى الله عليه وسلم" (10). * وفي المسند من حديث أم سلمة قالت: " بينما رسول الله صلىالله عليه وسلم في بيتي يوما إذ قالت الخادم إن عليا وفاطمة بالسدة، قالتفقال لي قومي فتنحي لي عن أهل بيتي، قالت فقمت فتنحيت في البيت قريبا،فدخل علي وفاطمة ومعهما الحسن والحسين وهما صبيان صغيران، فأخذ الصبيينفوضعهما في حجره فقبلهما، قال واعتنق عليا بإحدى يديه وفاطمة باليدالأخرى، فقبل فاطمة وقبل عليا فأغدف عليهم خميصة سوداء فقال: اللهم إليكلا إلى النار أنا وأهل بيتي" (11). * وعن المسور بن مخزمة أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:" إن فاطمة بضعة مني وأنا أتخوف أن تفتن في دينها وإني لست أحرم حلالا ولاأحل حراما ولكن والله لا تجتمع بنت رسول الله وبنت عدو الله تحت رجل واحدأبدا" (12). * وأخرج أبو عمر عن ابن بريدة عن أبيه قال: "كان أحبالنساء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة ومن الرجال علي بن أبيطالب" (13). زواجها رضي الله عنها: إن من يتدبر بإمعان في قصة زواج فاطمة رضي الله عنها، وهيبنت إمام المتقين وسيد الأولين والآخرين، وهي سيدة نساء أهل الجنة، وسيدةنساء الأمة، ليقف مشدوها من فرط ما يجد فيها من الدروس والعبر، ومن مواقفمثلى لما يجب أن تكون عليه نساء المسلمين وأسرهن في تيسير الزيجات، ورضابالقليل عند توافر الدين والخلق، وتواضع وصبر وقناعة... فيا ليت المسلميناليوم يجتهدون في العودة إلى عزتهم وسؤددهم، إلى الاقتداء ببيت النبوة،ويحرصوا على التأسي بخير الأنام وأهل بيته الطاهرين، عوض الانغماس فيبراثن التقليد والمباهاة، والتشبه بأهل الكفر والرذيلة، حتى آلت مجتمعاتهموأسرهم إلى شتى أنواع وأصناف التصدع والشقاق والانحلال، ناهيك عن استعصاءالتحصن بالزواج لكثير من بغاة العفاف والفضيلة. * فعن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي عن أبيه قال: "تزوجعلي بن أبي طالب فاطمة بنت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في رجب بعدمقدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة بخمسة أشهر، وبنى بها مرجعه منبدر، وفاطمة يوم بنى بها علي بنت ثماني عشر سنة" (14). * وروى ابن سعد عن رجل سمع عليا يقول: "أردت أن أخطب إلىرسول الله، صلى الله عليه وسلم بنته فقلت: والله مالي من شيء. قال: وكيف؟قال ثم ذكرت صلته وعائدته فخطبتها إليه فقال: وهل عندك شيء؟ قلت: لا. قال:وأين درعك الحطمية التي أعطيتك يوم كذا وكذا؟ قال: هي عندي. قال: فأعطهاإياها. قال فأعطاها إياها". (15). * وعن عامر قال: قال علي: "لقد تزوجت فاطمة وما لي ولهافراش غير جلد كبش ننام عليه بالليل ونعلف عليه الناضح بالنهار، وما ليولها خادم غيرها" (16). * وعن عطاء بن السائب عن أبيه عن علي "أن رسول الله، صلىالله عليه وسلم، لما زوجه فاطمة بعث معها بخملة ووسادة أدم حشوها ليفورحائين وسقاء وجرتين. قال: فقال علي لفاطمة ذات يوم: والله لقد سنوت حتىقد اشتكيت صدري وقد جاء الله أباك بسبي فاذهبي فاستخدميه. فقالت: وأناوالله قد طحنت حتى مجلت يداي. فأتت النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ماجاء بك يا بنية؟ قالت: جئت لأسلم عليك، واستحيت أن تسأله ورجعت، فقال: مافعلت؟ قالت: استحييت أن أسأله. فأتياه جميعا فقال علي: والله يا رسول اللهلقد سنوت حتى اشتكيت صدري، وقالت فاطمة: قد طحنت حتى مجلت يداي، وقد أتىالله بسبي وسعة فاخدمنا. قال: والله لا أعطيكما وأدع أهل الصفة تطوىبطونهم لا أجد ما أنفق عليهم، ولكني أبيعهم أنفق عليهم أثمانهم. فرجعافأتاهما النبي صلى الله عليه وسلم وقد دخلا في قطيفتهما، إذا غطيا رؤوسهماتكشفت أقدامهما، وإذا غطيا أقدامهما تكشفت رؤوسهما، فثارا فقال: مكانكما،ألا أخبركما بخير مما سألتماني؟ فقالا: بلى. فقال: كلمات علمنيهن جبريل:تسبحان في دبر كل صلاة عشرا وتحمدان عشرا وتكبران عشرا، وإذا أويتما إلىفراشكما فسبحا ثلاثا وثلاثين واحمدا ثلاثا وثلاثين وكبرا أربعا وثلاثين.قال: فوالله ما تركتهن منذ علمنيهن رسول الله. فقال له بن الكواء: ولاليلة صفين؟ فقال: قاتلكم الله يا أهل العراق، ولا ليلة صفين" (17). * وعن أبي البختري، قال: "قال علي لأمه فاطمة بنت أسد بنهاشم: اكفي بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخدمة خارجاً وسقاية الماءالحاج، وتكفيك العمل في البيت العجن والخبز والطحن. قال أبو عمر: فولدت لهالحسن والحسين وأم كلثوم وزينب ولم يتزوج علي عليها غيرها حتى ماتت" (18). وفاتها رضي الله عنها: * عن أم جعفر "أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلمقالت لأسماء بنت عميس: يا أسماء إني قد استقبحت ما يصنع بالنساء إنه يطرحعلى المرأة الثوب فيصفها. فقالت أسماء: يا بنت رسول الله ألا أريك شيئاًرأيته بأرض الحبشة؟ فدعت بجرائد رطبة فحنتها ثم طرحت عليها ثوباً فقالتفاطمة ما أحسن هذا وأجمله تعرف به المرأة من الرجال فإذا أنا مت فاغسلينيأنت وعلي ولا تدخلي علي أحداً. فلما توفيت جاءت عائشة تدخل، فقالت أسماء:لا تدخلي فشكت إلى أبي بكر فقالت: إن هذه الخثعمية تحول بيننا وبين بنترسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد جعلت لها مثل هودج العروس فجاء أبو بكرفوقف على الباب فقال: يا أسماء ما حملك على أن منعت أزواج النبي صلى اللهعليه وسلم أن يدخلن على بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعلت لها مثلهودج العروس؟ فقالت: أمرتني ألا يدخل عليها أحد، وأريتها هذا الذي صنعت،وهي حية فأمرتني أن أصنع ذلك لها قال أبو بكر: فاصنعي ما أمرتك ثم انصرففغسلها علي وأسماء.قال أبو عمر: فاطمة رضي الله عنها أول من غطي نعشها منالنساء في الإسلام على الصفة المذكورة في هذا الخبر ثم بعدها زينب بنت جحشرضي الله عنها صنع ذلك بها أيضاً.وماتت فاطمة رضي الله عنها بنت رسول الله صلى الله عليهوسلم وكانت أول أهله لحوقاً به، وصلى عليها علي بن أبي طالب. وهو الذيغسلها مع أسماء بنت عميس ولم يخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم من بنيهغيرها" (19).وتوفيت فاطمة رضي الله عنها بعد وفاة أبيها عليه أفضل الصلاة والتسليم بنحو ستة أشهر، قال الحافظ بن حجر:"قال الواقدي: توفيت فاطمة ليلة الثلاثاء لثلاث خلون منشهر رمضان سنة إحدى عشرة. ومن طريق عمرة: صلى العباس على فاطمة ونزل فيحفرتها هو وعلي والفضل.ومن طريق علي بن الحسين أن علياً صلى عليها ودفنها بليل بعد هدأه.وذكر عن بن عباس أنه سأله فأخبره بذلك. وقال الواقدي: قلت لعبد الرحمن بن أبي الموالي: إن الناسيقولون: إن قبر فاطمة بالبقيع. فقال: ما دفنت إلا في زاوية في دار عقيلوبين قبرها وبين الطريق سبعة أذرع" (20). =================== المراجع1- الإصابة (4/38).2- الطبقات الكبرى (8/19).3- متفق عليه (مشكاة المصابيح-6129).4- رواه الترمذي وأبو داود وصححه الألباني.5- رواه الطبراني في "الأوسط" وأبو يعلى ورجالهما رجال الصحيح (مجمع الزوائد 4/183).6- رواه الترمذي (3714) وصححه الألباني.7- صحيح الجامع : 1135.8- البخاري ومسلم.9- متفق عليه (مشكاة المصابيح–6130).10- رواه أبو داود غير ذكر علي وفاطمة، ورواه أحمد ورجاله رجال الصحيح (مجمع الزوائد 4/183).11- الإصابة (1/224) وله طرق في بعضها كساء وأصله في مسلم. 12- صحيح الجامع – 2115.13- الإستيعاب (2/114).14- الطبقات الكبرى (8/ 22).15- الطبقات الكبرى (8/ 20). وقال الحافظ في "الإصابة": «أخرجه أحمد في مسنده وله شاهد عند أبي داود من حديث ابن عباس».16- الطبقات الكبرى (8/22).17- الطبقات الكبرى (8/ 25).18- الإستيعاب (2/ 112).19- الإستيعاب (2/ 114).20- الإصابة (4/41).-------------------------------------------------------------------------------- أم كلثوم بنت النبي صلى الله عليه وسلم
هي أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمها خديجة بنت خويلد.
تزوجها عتيبة بن أبي لهب بن عبد المطلب قبل النبوة فلمابُعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنزل الله" "تبت يدا أبي لهب" قال لهأبوه أبو لهب: رأسي من رأسك حرام إن لم تطلق ابنته، ففارقها ولم يكن دخلبها، فلم تزل بمكة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأم كلثوم أسن من رقية ومن فاطمة. وخالفه غيره والصحيحأنها أصغر من رقية لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوج رقية من عثمانفلما توفيت زوجه أم كلثوم وما كان ليزوج الصغرى ويترك الكبرى والله أعلم.
إسلامها:
أسلمت حين أسلمت أمها، وبايعت رسول الله مع أخواتها حين بايعه النساء، وهاجرت إلى المدينة حين هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
خرجت أم كلثوم إلى المدينة لما هاجر النبي صلى الله عليهوسلم مع فاطمة وغيرها من أولاد النبي صلى الله عليه وسلم فتزوجها عثمانبعد موت أختها رقية في ربيع الأول سنة ثلاث من الهجرة.
وعن قتادة بن دعامة قال: تزوج أم كلثوم بنت رسول الله صلىالله عليه وسلم عتيبة بن أبي لهب فلم يبن بها حتى بعث النبي صلى الله عليهوسلم وكانت رقية عند أخيه عتبة بن أبي لهب فلما أنزل الله عز وجل { تبتيدا أبي لهب } قال أبو لهب لابنيه عتيبة و عتبة: رأسي من رأسكما حرام إنلم تطلقا ابنتي محمد وقالت أمهما بنت حرب بن أمية وهي حمالة الحطب:طلقاهما يا بني فإنهما قد حبتا فطلقاهما.
من مواقفها مع الرسول صلى الله عليه وسلم:
وعن ابن عباس رضي الله عنه عنهم: عن أم كلثوم بنت النبي الله صلى الله عليه و سلم أنها قالت:
يا رسول الله زوجي خير أو زوج فاطمة؟ قالت: فسكت النبي صلىالله عليه و سلم ثم قال:زوجك ممن يحب الله ورسوله و يحبه الله ورسوله فولتفقال له: هلمي ماذا قلت؟ قال: قلت: زوجي ممن يحب الله ورسوله ويحبه اللهورسوله قال: نعم وأزيدك دخلت الجنة فرأيت منزله ولم أر أحدا من أصحابييعلوه في منزله.
زواجها:
لما توفيت رقية بنت رسول الله صلى اللهعليه وسلم خلف عثمان بن عفان على أم كلثوم بنت رسول الله وكانت بكرا وذلكفي شهر ربيع الأول سنة ثلاث من الهجرة.
وروى سعيد بن المسيب: أن النبي صلى الله عليه وسلم رأىعثمان بعد وفاة رقية مهموما لهفان فقال له: " ما لي أراك مهموما " قال: يارسول الله وهل دخل على أحد ما دخل علي ماتت ابنة رسول الله صلى الله عليهوسلم التي كانت عندي وانقطع ظهري وانقطع الصهر بيني وبينك. فبينما هويحاوره إذ قال النبي صلى الله عليه وسلم: " يا عثمان هذا جبريل عليهالسلام يامرني عن الله عز وجل أن أزوجك أختها أم كلثوم على مثل صداقهاوعلى مثل عشرتها ". فزوجه إياها.
لما زوج النبي بنته أم كلثوم بعثمان قال لها إن بعلك أشبه الناس بجدك إبراهيم وأبيك محمد.
وتقول أم عياش أن رسول الله قال ما زوجت عثمان أم كلثوم إلا بوحي من السماء.
وعن أبي هريرة أن رسول الله قال لعثمان يا عثمان هذا جبريل يخبرني أن الله قد زوجك أم كلثوم بمثل صداق رقية وعلى مثل صحبتها.
وفاتها:
توفيت في شعبان في السنة التاسعة من الهجرة.
وعن أم عطية-قالت: دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلمونحن نغسل ابنته أم كلثوم. فقال ( اغسلنها ثلاثا أو خمسا أو أكثر من ذلكإن رأيتن ذلك بماء وسدر. واجعلن في الآخرة كافورا أو شيئا من كافور. فإذافرغتن فآذنني ) فلما آذناه. فألقى إلينا حقوه. وقال ( أشعرنها إياه).
توفيت في حياة النبي صلى الله عليه وسلم في شعبان سنة تسعمن الهجرة وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على قبرها ونزل في حفرتهاعلي والفضل وأسامة.
وعن أبي أمامة قال: لما وضعت أم كلثوم ابنة رسول الله صلىالله عليه وسلم في القبر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { منها خلقناكموفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى } ثم لا أدري أقال بسم الله وفي سبيلالله وعلى ملة رسول الله أم لا.
وعن أنس: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم جالساً على قبرهايعني أم كلثوم وعيناه تدمعان فقال: "فيكم أحد لم يقارف الليلة". فقال أبوطلحة: أنا قال: "انزل
________________________________
المراجع:
الطبقات الكبرى - أسد الغابة - الإصابةفي تمييز الصحابة - المعجم الكبير - المستدرك - الطبقات الكبرى - الصواعقالمحرقة - سنن ابن ماجة - تفسير القرطبي - مسند أحمد بن حنبل - سير أعلامالنبلاء.
------------------------------------------------------------------------------- أسماء بنت أبي بكر
مقدمة
هي أسماء بنت عبد الله بن عثمان التيمية، فهي ابنة أبي بكر الصديق وأمها قتلة أو قتيلة بنت عبد العزى قرشية من بني عامر بن لؤي...
وزوجة الزبير بن العوام، ووالدة عبد الله بن الزبير بن العوام.
وكانت تلقب بذات النطاقين قال أبو عمر: سماها رسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم- لأنها هيأت له لما أراد الهجرة سفرة فاحتاجت إلىما تشدها به فشقت خمارها نصفين فشدت بنصفه السفرة، واتخذت النصف الآخرمنطقا، قال: كذا ذكر ابن إسحاق وغيره.
قصة إسلامها:
عاشت أسماء رضي الله عنها حياة كلهاإيمان منذ بدء الدعوة الإسلامية، فهي من السابقات إلى الإسلام، ولقد أسلمتبمكة وبايعت النبي صلى الله علية وسلم على الأيمان والتقوى، ولقد تربت علىمبادئ الحق والتوحيد والصبر متجسدة في تصرفات والده، ولقد أسلمت عن عمر لايتجاوز الرابعة عشرة، وكان إسلامها بعد سبعة عشر إنساناً..
بعض المواقف من حياتها مع الرسول صلى الله عليه وسلم
وفي أثناء الهجرة التي هاجر فيهاالمسلمين من مكة إلى المدينة، وظل أبو بكر الصديق رضي الله عنه ينتظرالهجرة مع النبي صلى الله علية وسلم من مكة، فأذن الرسول صلى الله عليةوسلم بالهجرة معه، وعندما كان أبو بكر الصديق رضي لله عنه يربط الأمتعةويعدها للسفر لم يجد حبلاً ليربط به الزاد الطعام والسقا فأخذت أسماء رضيالله عنها نطاقها الذي كانت تربطه في وسطها فشقته نصفين وربطت به الزاد،وكان النبي صلى الله علية وسلم يرى ذلك كله، فسماها أسمـاء ذات النطــاقينرضي الله عنه، ومن هذا الموقف جاءت تسميتها بهذا اللقب.وقال لها الرسولصلى الله عليه وسلم: (أبدلك الله عز وجل بنطاقك هذا نطاقين في الجنة)،وتمنت أسماء الرحيل مع النبي صلى الله عليه وسلم ومع أبيها وذرفت الدموع،إلا إنها كانت مع أخوتها في البيت تراقب الأحداث وتنتظر الأخبار، وقد كانتتأخذ الزاد والماء للنبي صلى الله علية وسلم ووالدها أبي بكر الصديق غيرآبهة بالليل والجبال والأماكن الموحشة، لقد كانت تعلم أنها في رعاية اللهوحفظه ولم تخش في الله لومة لائم.
وفي أحد الأيام وبينما كانت نائمةأيقظها طرق قوي على الباب، وكان أبو جهل يقف والشر والغيظ يتطايران منعينيه، سألها عن والده، فأجابت: إنها لا تعرف عنه شيئاً فلطمها لطمة علىوجهها طرحت منه قرطها..
ـ كانت الأم أسماء بنت أبي بكر حاملاًبعبـد الله بن الزبيـر، وهي تقطع الصحراء اللاهبة مغادرة مكة إلى المدينةعلى طريق الهجرة العظيم، وما كادت تبلغ ( قباء ) عند مشارف المدينة حتىجاءها المخاض ونزل المهاجر الجنين أرض المدينة في نفس الوقت الذي كانينزلها المهاجرون من الصحابة، وحُمِل المولود الأول إلى الرسول -صلى اللهعليه وسلم- فقبّله وحنّكه، فكان أول ما دخل جوف عبـد اللـه ريق الرسولالكريم، وحمله المسلمون في المدينة وطافوا به المدينة مهلليـن مكبرين.
بعض المواقف من حياتها مع الصحابة:
لما خرج الصديق مهاجراً بصحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم حمل معه ماله كله، ومقداره ستة آلاف درهم، ولم يترك لعياله شيئًا...
فلما علم والده أبو قحافة برحيله - وكان ما يزال مشركاً - جاء إلى بيته وقال لأسماء:
والله إني لأراه قد فجعكم بماله بعد أن فجعكم بنفسه...
فقالت له:
كلا يا أبتِ إنه قد ترك لنا مالاً كثير، ثم أخذت حصىووضعته في الكوة التي كانوا يضعون فيها المال و ألقت عليه ثوب، ثم أخذتبيد جدها - وكان مكفوف البصر - وقالت:
يا أبت، انظر كم ترك لنا من المال.
فوضع يده عليه وقال:
لا بأس... إذا كان ترك لكم هذا كله فقد أحسن.
وقد أرادت بذلك أن تسكن نفس الشيخ، وألا تجعله يبذل لهاشيئاً من ماله ذلك لأنها كانت تكره أن تجعل لمشرك عليها معروفاً حتى لوكان جدها
وروى عروة عنها، قالت: تزوجني الزبيروما له شيء غير فرسه ; فكنت أسوسه وأعلفه، وأدق لناضحه النوى، وأستقي،وأعجن، وكنت أنقل النوى من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله -صلى اللهعليه وسلم- على رأسي - وهي على ثلثي فرسخ فجئت يوما، والنوى على رأسي،فلقيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومعه نفر، فدعاني، فقال: إخ، إخ،ليحملني خلفه ; فاستحييت، وذكرت الزبير وغيرته.
قالت: فمضى.
فلما أتيت، أخبرت الزبير. فقال: والله، لحملك النوى كانأشد علي من ركوبك معه! قالت: حتى أرسل إلي أبو بكر بعد بخادم، فكفتنيسياسة الفرس، فكأنما أعتقني
وعن ابن عيينة، عن منصور بن صفية، عنأمه، قالت: قيل لابن عمر إن أسماء في ناحية المسجد - وذلك حين صلب ابنالزبير - فمال إليها، فقال: إن هذه الجثث ليست بشيء، وإنما الأرواح عندالله ; فاتقي الله واصبري.
فقالت: وما يمنعني، وقد أهدي رأس يحيى بن زكريا إلى بغي من بغايا بني إسرائيل.
وفي خلافة ابنها عبد الله أميراًللمؤمنين جاءت فحدثته بما سمعت عن رسول الله بشأن الكعبة فقال: إن أميأسماء بنت أبي بكر الصديق حدثتني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاللعائشة: (لولا حداثة عهد قومك بالكفر، لرددت الكعبة على أساس إبراهيم،فأزيد في الكعبة من الحجر). فذهب عبد الله بعدها وأمر بحفر الأساس القديم،وجعل لها بابين، وضم حجر إسماعيل إليها، هكذا كانت تنصح ابنها ليعمل بأمرالله ورسوله..
وقبيل مصرع عبد الله بن الزبير بساعاتٍ دخل على أمه أسماء - وكانت عجوزاً قد كف بصرها - فقال:
السلام عليك يا أُمَّه ورحمة الله وبركاته.
فقالت: وعليك السلام يا عبدا لله...
ما الذي أقدمك في هذه الساعة، والصخور التي تقذفها منجنيقات الحَجَّاج على جنودك في الحرم تهز دور مكة هزًا؟!
قال: جئت لأستشيرك.
قالت: تستشيرني... في ماذا؟!
قال: لقد خذلني الناس وانحازوا عني رهبة من الحجاج أو رغبةبما عنده حتى أولادي وأهلي انفضوا عني، ولم يبق معي إلا نفر قليل منرجالي، وهم مهما عظم جلدهم فلن يصبروا إلا ساعة أو ساعتين...
وأرسل بني أمية يفاوضونني على أن يعطونني ما شئت من الدنيا إذا ألقيت السلاح وبايعت عبد الملك بن مروان، فما ترين؟
فعلا صوتها وقالت:
الشأن شأنك يا عبد الله، و أنت أعلم بنفسك...
فإن كنت تعتقد أنك على حق، و تدعوا إلى حق،فاصبر وجالد كما صبر أصحابك الذين قتلوا تحت رايتك...
وإن كنت إنما أردت الدنيا فلبئس العبد أنت... أهلكت نفسك، وأهلكت رجالك.
قال: ولكني مقتول اليوم لا محالة.
قالت: ذلك خير لك من أن تسلم نفسك للحجاج مختارًا، فيلعب برأسك غلمان بني أمية.
قال: لست أخشى القتل، وإنما أخاف أن يمثِّلوا بي.
قالت: ليس بعد القتل ما يخافه المرء فالشاة المذبوحة لايؤلمها السلخ فأشرقت أسارير وجهه وقال: بوركتِ من أم، وبوركت مناقبكالجليلة؛ فأنا ما جئت إليك في هذه الساعة إلا لأسمع منك ما سمعت، واللهيعلم أنني ما وهنت ولا ضعفت، وهو الشهيد علي أنني ما قمت بما قمت به حبابالدنيا وزينتها، وإنما غضباً لله أن تستباح محارمه...
وهاأنذا ماض إلى ما تحبين، فإذا أنا قتلت فلا تحزني علي وسلمي أمرك لله قالت: إنما أحزن عليك لو قتلت في باطل.
قال: كوني على ثقة بأن ابنك لم يتعمد إتيان منكر قط، ولاعمل بفاحشة قط، ولم يجر في حكم الله، ولم يغدر في أمان، ولم يتعمد ظلممسلم ولا معاهد، ولم يكن شيء عنده آثر من رضى الله عز وجل...
لا أقول ذلك تزكية لنفسي؛ فالله أعلم مني بي، وإنما قلته لأدخل العزاء على قلبك.
فقالت: الحمد لله الذي جعلك على ما يحب و أُحب...
اقترب مني يا بني لأتشمم رائحتك وألمس جسدك فقد يكون هذا آخر العهد بك.
بعض المواقف من حياتها مع التابعين:
يقول ابن عيينة: حدثنا أبو المحياة، عن أمه، قال: لماقَتَلَ الحجاجُ ابنَ الزبير دَخَلَ على أسماء وقال لها: يا أمه، إن أميرالمؤمنين وصاني بك، فهل لك من حاجة؟ قالت: لست لك بأم، ولكني أم المصلوبعلى رأس الثنية، وما لي من حاجة ; ولكن أحدثك: سمعت رسول الله -صلى اللهعليه وسلم- يقول: يخرج في ثقيف كذاب، ومبير، فأما الكذاب، فقد رأيناه -تعني المختار - وأما المبير، فأنت.
فقال لها: مبير المنافقين!!
أثرها في الآخرين
كانت رضي الله عنها تؤتى بالمرأةالموعوكة فتدعو بالماء فتصبه في جيبها وتقول: إن رسول الله صلى الله عليهوسلم قال: أبردوها بالماء، فإنها من فيح جهنم.
وفي وقت رمي جمرة العقبة للضعفاء الذينيرخص لهم في ترك الوقوف بالمزدلفة: عن عبد الله مولى أسماء بنت أبي بكررضي الله عنها {أنها قالت: أي بني، هل غاب القمر ليلة جمع؟ وهي تصلي،ونزلت عند المزدلفة. قال: قلت لا فصلت ساعة، ثم قالت: أي بني، هل غابالقمر؟ أو قد غاب، فقلت نعم قالت: فارتحلوا إذا، فارتحلنا بها حتى رمتالجمرة، ثم رجعت فصلت الصبح في منزله. فقلت له: أي هنتاه لقد غلستنا قالت:كلا يا بني، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن للظعن{.
ويروي عن هشام، بن عروة، عن أبيه، عن أسماء بنت أبي بكر الصديق أنها كانت تلبس الثياب المعصفرات وهي محرمة، ليس فيهن زعفران.
وعن فاطمة بنت المنذر أنها قالت: مارأيت أسماء لبست إلا المعصفر، حتى لقيت الله عز وجل، وإن كانت لتلبس -الثوب يقوم قياما من العصفر.
وعن ابن زرير أنه سمع علي بن أبي طالب يقول: {إن نبي اللهصلى الله عليه وسلم، أخذ حريرا في يمينه، وأخذ ذهبا فجعله في يساره، ثمقال إن هذين حرام على ذكور أمتي}
بعض الأحاديث التي نقلتها عن النبي صلى الله عليه وسلم:
عن أسماء قالت: أتيت عائشة وهي تصلي فقلت ما شأن الناس؟فأشارت إلى السماء فإذا الناس قيام فقالت: سبحان الله قلت: آية فأشارتبرأسها أي نعم فقمت حتى تجلاني الغشي فجعلت أصب على رأسي الماء فحمد اللهَعز وجل النبيُّ صلى الله عليه وسلم وأثنى عليه ثم قال: ما من شيء لم أكنأريته إلا رأيته في مقامي حتى الجنة والنار فأوحي إلي أنكم تفتنون فيقبوركم مثل أو قريب لا أدري أي ذلك قالت أسماء من فتنة المسيح الدجال يقالما علمك بهذا الرجل فأما المؤمن أو الموقن لا أدري بأيهما قالت أسماءفيقول: هو محمد رسول الله جاءنا بالبينات والهدى فأجبنا واتبعنا هو محمدثلاثا فيقال نم صالحا قد علمنا إن كنت لموقنا به وأما المنافق أو المرتابلا أدري أي ذلك قالت أسماء فيقول لا أدري سمعت الناس يقولون شيئا فقلته..
ويحدثنا عبيد بن إسماعيل حدثنا أبو أسامة عن هشام عن أبيه عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت
قدمت علي أمي وهي مشركة في عهد رسول الله صلى الله عليهوسلم فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت وهي راغبة أفأصل أمي قالنعم صلي أمك..
ما قيل عنها:
عن القاسم بن محمد قال: سمعت ابنالزبير يقول: ما رأيت امرأة قط أجود من عائشة وأسماء ; وجودهما مختلف: أماعائشة فكانت تجمع الشيء إلى الشيء، حتى إذا اجتمع عندها وضعته مواضعه،وأما أسماء، فكانت لا تدخر شيئا لغد.
الوفاة:
قال ابن سعد: ماتت بعد ابنها بليال. وكان قتله لسبع عشرة خلت من جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين.
============================
المراجع:
الإصابة في تمييز الصحابة
موقع الصحابة
سير أعلام النبلاء
فتح الباري بشرح صحيح البخاري
صحيح مسلم بشرح النووي